"ان أسامة بن زيد لمن أحب الناس الي ، واني لأرجو أن يكون من صالحيكم ، فاستوصوا به خيرا"
حديث شريف
من هو؟
أسامـة بن زيـد بن حارثة بن شراحيـل الكَلْبي ، أبو محمد ، من أبناء الإسلام الذين
لم يعرفوا الجاهلية أبدا ،ابن زيد خادم الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- الذي آثـر
الرسـول الكريم على أبيه وأمه وأهله والذي وقف به النبـي على جموع من أصحابه
يقول ( أشهدكم أن زيدا هذا ابني يرثني وأرثه )000وأمه هي أم أيمن مولاة رسـول
الله وحاضنته ، ولقد كان له وجه أسود وأنف أفطس ولكن مالكا لصفات عظيمة قريبا
من قلب رسول الله000
حب الرسول له
عن السيدة عائشة -رضي الله عنها- قالت عثَرَ أسامة على عتبة الباب فشَجَّ جبهتَهُ ، فجعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمصُّ شجّته ويمجُّه ويقول ( لو كان أسامة جارية لكسوتُهُ وحلّيتُهُ حتى أنفِقَهُ )000
كما قالت السيدة عائشة -رضي الله عنها- ( ما ينبغي لأحد أن يُبغِضَ أسامة بن زيد بعدما سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول ( من كان يُحِبُّ الله ورسوله ، فليحبَّ أسامة )000
وقد اشترى الرسول -صلى الله عليه وسلم- حَلّةً كانت لذي يَزَن ، اشتراها بخمسين ديناراً ، ثم لبسها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجلس على المنبر للجمعة ، ثم نزل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكسا الحُلّة أسامة بن زيد000
بعث الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعثاً فأمر عليهم أسامة بن زيد ، فطعن بعض الناس في إمارته فقال -صلى الله عليه وسلم- ( إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل ، وأيمُ الله إن كان لخليقاً للإمارة ، وإن كان لمن أحب الناس إليّ ، وإن هذا لمن أحب الناس إليّ بعده )000
نشأته وايمانه
على الرغم من حداثة سن أسامة -رضي الله عنه- الا أنه كان مؤمنا صلبا ، قويا ، يحمل كل تبعات دينه في ولاء كبير ، لقد كان مفرطا في ذكائه ، مفرطا في تواضعه ، وحقق هذا الأسود الأفطس ميزان الدين الجديد ( ان أكرمكم عند الله أتقاكم )000فهاهو في عام الفتح يدخل مكة مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- في أكثر ساعات الاسلام روعة000
الدروس النبوية
قبل وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعامين خرج أسامة أميرا على سرية للقاء بعض المشركين ، وهذه أول امارة يتولاها ، وقد أخذ فيها درسه الأكبر من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهاهو يقول ( فأتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد أتاه البشير بالفتح ، فاذا هو متهلل وجه ، فأدناي منه ثم قال ( حدثني )000فجعلت أحدثه ، وذكرت له أنه لما انهزم القوم أدركت رجلا وأهويت اليه بالرمح ، فقال ( لا اله الا الله ) فطعنته فقتلته ، فتغير وجه رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- وقال ( ويحك يا أسامة !000فكيف لك بلا اله الا اللـه ؟000ويحك يا أسامة !000فكيف لك بلا اله الا الله ؟)000فلم يزل يرددها علي حتى لوددت أني انسلخت من كل عمل عملته ، واستقبلت الاسلام يومئذ من جديد ، فلا والله لا أقاتل أحدا قال لا اله الا الله بعد ماسمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-)000
أهمَّ قريش شأن المرأة التي سرقت ، فقالوا ( من يكلّم فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ؟)000فقالوا ( ومن يجترىء عليه إلا أسامة بن زيد حبّ رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- ؟)000 فكلّمه أسامة فقال رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- ( لم تشفعْ في حدّ من حدود الله ؟)000ثم قام النبـي -صلى الله عليه وسلم- فاختطب فقال ( إنّما أهلك الله الذين من قبلكم أنهم إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ، وأيْمُ الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يَدَها )000
جيش أسامة
وبعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسامة بن زيد بن حارثة الى الشام ، وهو لم يتجاوز العشرين من عمره ، وأمره أن يوطىء الخيل تخوم البلقاء والداروم من أرض فلسطين ، فتجهز الناس وخرج مع أسامة المهاجرون الأولون ، وكان ذلك في مرض الرسول -صلى الله عليه وسلم- الأخير ، فاستبطأ الرسول الكريم الناس في بعث أسامة وقد سمع ما قال الناس في امرة غلام حدث على جلة من المهاجرين والأنصار !000فحمدالله وقال الرسول صلى الله عليه وسلم- ( أيها الناس ، أنفذوا بعث أسامة ، فلعمري لئن قلتم في امارته لقد قلتم في امارة أبيه من قبله ، وانه لخليق بالامارة ، وان كان أبوه لخليقا لها )000
فأسرع الناس في جهازهم ، وخرج أسامة والجيش ، وانتقل الرسول الى الرفيق الأعلى ، وتولى أبو بكر الخلافة وأمر بانفاذ جيش أسامة وقال ( ما كان لي أن أحل لواء عقده رسول الله -صلى الله عليه وسلم-)000وخرج ماشيا ليودع الجيش بينما أسامة راكبا فقال له ( يا خليفة رسول الله لتركبن أو لأنزلن )000فرد أبوبكر ( والله لا تنزل ووالله لا أركب ، وما علي أن أغبر قدمي في سبيل الله ساعة )000ثم استأذنه في أن يبقى الى جانبه عمر بن الخطاب قائلا له ( ان رأيت أن تعينني بعمر فافعل )000ففعل وسار الجيش وحارب الروم وقضى على خطرهم ،وعاد الجيش بلا ضحايا ، وقال المسلمون عنه ( ما رأينا جيشا أسلم من جيش أسامة )000
أسامة والفتنة
وعندما نشبت الفتنة بين علي ومعاوية التزم أسامة حيادا مطلقا ، كان يحب عليا كثيرا ويبصر الحق بجانبه ، ولكن كيف يقتل من قال لا اله الا الله000وقد لامه الرسول في ذلك سابقا!000فبعث الى علي يقول له ( انك لو كنت في شدق الأسد ، لأحببت أن أدخل معك فيه ، ولكن هذا أمر لم أره )000ولزم داره طوال هذا النزاع ، وحين جاءه البعض يناقشونه في موقفه قال لهم ( لا أقاتل أحدا يقول لا اله الا الله أبدا )000فقال أحدهم له ( ألم يقل الله وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ؟)000فأجاب أسامة ( أولئك هم المشركون ، ولقد قاتلناهم حتى لم تكن فتنة وكان الدين لله )000
وفاته
وفي العام الرابع والخمسين من الهجرة ، وفي أواخر خلافة معاوية ، أسلم -رضي الله عنه- روحه الطاهرة للقاء ربه ، فقد كان من الأبرار المتقين000فمات بالمدينة وهو ابن ( 75 ) 000