أمه مارية القبطية.
مولده وطفولته
كان مولده في ذي الحجة سنة 8 هـ، وسر النبي بولادته كثيراً وولد بالعالية، وكانت قابلته سلمى مولاة النبي امرأة أبي رافع، فبشر أبو رافع النبي فوهب له عبداً، وحلق شعر إبراهيم يوم سابعه، وسماه، وتصدق بزنته ورقاً، وأخذوا شعره فدفنوه. كذا قال الزبير، ثم دفعه إلى أم سيف: امرأة قين بالمدينة يقال له أبو سيف، تحمل عنه.
أخبرنا أبو الفضل المنصور بن أبي الحسن عن عبد الله الطبري المخزومي المعروف بالديني بإسناده إلى أبي يعلى أحمد بن علي، حدثنا شيبان وهدبة بن خالد، قالا: حدثنا سليمان بن المغيرة، أخبرنا ثابت عن أنس قال: قال رسول الله : "ولد لي الليلة ولد فسميته باسم أبي إبراهيم. ثم دفعه إلى أم سيف امرأة قين بالمدينة".
وفي حديث شيبان: فانطلق رسول الله بابنه فاتبعته، فانتهى إلى أبي سيف، وهو ينفخ في كيره، وقد امتلأ البيت دخاناً، فأسرعت المشي بين يدي رسول الله حتى انتهيت إلى أبي سيف، فقلت: يا أبا سيف، أمسك، جاء رسول الله فأمسك، فدعا رسول الله بالصبي، فضمه إليه، وقال: ما شاء الله أن يقول، قال: فلقد رأيته بعد ذلك وهو يكيد بنفسه بين يدي رسول الله .
وفي حديث هدبة: "وعين رسول الله تدمع".
وقال الزبير أيضاً: إن الأنصار تنافسوا فيمن يرضعه، وأحبوا أن يفرغوا مارية للنبي لميله إليها، فجاءت أم بردة، اسمها: خولة بنت المنذر بن زيد بن لبيد بن خداش بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار زوج البراء بن أوس بن خالد بن الجعد بن عوف بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن بن النجار فكلمت رسول الله في أن ترضعه، فكانت ترضعه بلبن ابنها في بني مازن بن النجار، وترجع به إلى أمه، وأعطى رسول الله أم بردة قطعة من نخل.
وفاته
وتوفي وهو ابن ثمانية عشر شهراً؛ قاله الواقدي. وقال محمد بن مؤمل المخزومي: كان ابن ستة عشر شهراً وثمانية أيام. وصلى عليه رسول الله ، وقال: ندفنه عند فرطنا عثمان بن مظعون، ودفنه بالبقيع.
روى جابر أن النبي أخذ بيد عبد الرحمن بن عوف، فأتى به النخل، فإذا ابنه إبراهيم في حجر أمه يجود بنفسه، فأخذه رسول الله فوضعه في حجره، ثم قال: "يا إبراهيم، إنا لا نغني عنك من الله شيئاً" ثم ذرفت عيناه، ثم قال: "يا إبراهيم، لولا أنه أمر حق، ووعد صدق، وأن آخرنا سيلحق أولنا، لحزنا عليك حزناً هو أشد من هذا، وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون، تبكي العين، ويحزن القلب، ولا نقول ما يسخط الرب".
وفي حديث شيبان: فدمعت عينا رسول الله ، فقال رسول الله : "تدمع العين، ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا".
وفي حديث شيبان "والله، إنا بك يا إبراهيم لمحزونون". أخبرنا عبد الله بن أحمد بن عبد القاهر الطوسي بإسناده عن أبي داود الطيالسي، عن شعبة، عن عدي بن ثابت قال: سمعت البراء يقول: قال رسول الله لما مات إبراهيم: "إن له مرضعاً في الجنة".
ولما توفي إبراهيم اتفق أن الشمس كسفت يومئذ؛ فقال قوم: إن الشمس انكسفت لموته، فخطبهم رسول الله فقال: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك، فافزعوا إلى ذكر الله والصلاة".
وروى البراء أن النبي صلى عليه، وكبر أربعاً. هذا قول جمهور العلماء وهو الصحيح.
أخبرنا أبو أحمد عبد الوهاب بن علي بن علي بن عبيد الله الأمين بإسناده إلى أبي داود السجستاني، حدثنا هناد بن السري، أخبرنا محمد بن عبيد، عن وائل بن داود قال: سمعت البهي قال: "لما مات إبراهيم ابن النبي صلى عليه رسول الله في المقاعد".
وبالإسناد عن أبي داود قال: قرأت على سعيد بن يعقوب الطالقاني، حدثكم ابن المبارك، عن يعقوب بن القعقاع عن عطاء أن النبي صلى على إبراهيم.
وروى ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر، عن عمرة، عن عائشة أن النبي لم يصل على إبراهيم. قال أبو عمر: وهذا غير صحيح، والله أعلم؛ لأن جمهور العلماء قد أجمعوا على الصلاة على الأطفال إذا استهلوا وراثة وعملاً مستفيضاً عن السلف والخلف.
قيل: إن الفضل بن العباس غسل إبراهيم، ونزل في قبره هو وأسامة بن زيد، وجلس رسول الله على شفير القبر.
قال الزبير: ورش على قبره ماء، وعلم قبره بعلامة، وهو أول قبر رش عليه الماء.
وروي عن أنس بن مالك أنه قال: "لو عاش إبراهيم لكان صديقاً نبياً".
قال أبو عمر: لا أدري ما هذا القول؟ فقد ولد نوح غير نبي، ولو لم يلد النبي إلا نبياً لكان كل واحد نبياً، لأنهم من ولد نوح.
والله اعلم